العودة   منتدى تراتيل شاعر > الملتقى الاسلامي > نفحات قرآنية
التسجيل روابط مفيدة المجموعات مشاركات اليوم البحث


تفسير سورة البقرة (4)

نفحات قرآنية


تفسير سورة البقرة (4)

۞ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا

 
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-26-2025, 08:08 AM
السمو غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل : Jun 2025
 فترة الأقامة : 3 يوم
 أخر زيارة : اليوم (11:53 AM)
 المشاركات : 1,561 [ + ]
 التقييم : 1000
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تفسير سورة البقرة (4)



۞ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ(26)

التفسير المختصر:
إن الله سبحانه وتعالى لا يستحي من ضرب الأمثال بما شاء، فيضرب المثل بالبعوضة، فما فوقها في الكِبَر أو دونها في الصِّغَر، والناس أمام هذا نوعان: مؤمنون وكافرون، فأما المؤمنون فيصدقون ويعلمون أنّ من وراء ضرب المثل بها حكمة، وأما الكافرون فيتساءلون على سبيل الاستهزاء عن سبب ضرب الله الأمثال بهذه المخلوقات الحقيرة؛ كالبعوض، والذباب، والعنكبوت، وغيرها، فيأتي الجواب من الله: إن في هذه الأمثال هداياتٍ وتوجيهاتٍ واختبارًا للناس، فمنهم من يضلُّهم الله بهذه الأمثال لإعراضهم عن تدبرها، وهم كثير، ومنهم من يهديهم بسبب اتعاظهم بها، وهم كثير، ولا يضل إلا من كان مستحقًّا للضلال، وهم الخارجون عن طاعته؛ كالمنافقين.
تفسير الجلالين:
«إن الله لا يستحيي أن يضرب» يجعل «مثلا» مفعول أول «ما» نكرة موصوفة بما بعدها مفعول ثان أيَّ مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني «بعوضة» مفرد البعوض وهو صغار البق «فما فوقها» أي أكبر منها أي لا يترك بيانه لما فيه من الحكم «فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه» أي المثل «الحق» الثابت الواقع موقعه «من ربِّهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً» تمييز أي بهذا المثل، وما استفهام إنكار مبتدأ، وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي: أيّ فائدة فيه قال الله تعالى في جوابهم «يضل به» أي بهذا المثل «كثيراً» عن الحق لكفرهم به «ويهدي به كثيراً» من المؤمنين لتصديقهم به «وما يضل به إلا الفاسقين» الخارجين عن طاعته.
تفسير السعدي:
يقول تعالى إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا أي: أيَّ مثل كان بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا لاشتمال الأمثال على الحكمة, وإيضاح الحق, والله لا يستحيي من الحق، وكأن في هذا, جوابا لمن أنكر ضرب الأمثال في الأشياء الحقيرة، واعترض على الله في ذلك.
فليس في ذلك محل اعتراض.
بل هو من تعليم الله لعباده ورحمته بهم.
فيجب أن تتلقى بالقبول والشكر.
ولهذا قال: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ فيتفهمونها، ويتفكرون فيها.
فإن علموا ما اشتملت عليه على وجه التفصيل، ازداد بذلك علمهم وإيمانهم، وإلا علموا أنها حق، وما اشتملت عليه حق، وإن خفي عليهم وجه الحق فيها لعلمهم بأن الله لم يضربها عبثا، بل لحكمة بالغة، ونعمة سابغة.
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا فيعترضون ويتحيرون، فيزدادون كفرا إلى كفرهم، كما ازداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، ولهذا قال: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا فهذه حال المؤمنين والكافرين عند نزول الآيات القرآنية.
قال تعالى: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ فلا أعظم نعمة على العباد من نزول الآيات القرآنية، ومع هذا تكون لقوم محنة وحيرة [وضلالة] وزيادة شر إلى شرهم، ولقوم منحة [ورحمة] وزيادة خير إلى خيرهم، فسبحان من فاوت بين عباده، وانفرد بالهداية والإضلال.
ثم ذكر حكمته في إضلال من يضلهم وأن ذلك عدل منه تعالى فقال: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ أي: الخارجين عن طاعة الله; المعاندين لرسل الله; الذين صار الفسق وصفهم; فلا يبغون به بدلا، فاقتضت حكمته تعالى إضلالهم لعدم صلاحيتهم للهدى، كما اقتضت حكمته وفضله هداية من اتصف بالإيمان وتحلى بالأعمال الصالحة.
والفسق نوعان: نوع مخرج من الدين، وهو الفسق المقتضي للخروج من الإيمان; كالمذكور في هذه الآية ونحوها، ونوع غير مخرج من الإيمان كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الآية].

الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(27)

التفسير المختصر:
الذين ينقضون عهد الله الذي أخذه عليهم بعبادته وحده واتباع رسوله الذي أخبرت به الرسل قبله، ويقطعون ما أمر الله بوصله كالأرحام، ويسعون لنشر الفساد في الأرض بالمعاصي، فهؤلاء هم الناقصة حظوظهم في الدنيا والآخرة.
تفسير الجلالين:
«الذين» نعت «ينقضون عهد الله» ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد * «من بعد ميثاقه» توكيده عليهم «ويقطعون ما أمر الله به أن يوُصل» من الإيمان بالنبي والرحم وغير ذلك وأن بدل من ضمير به «ويفسدون في الأرض» بالمعاصي والتعويق عن الإيمان «أولئك» الموصوفون بما ذكر «هم الخاسرون» لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم.
تفسير السعدي:
ثم وصف الفاسقين فقال: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وهذا يعم العهد الذي بينهم وبينه والذي بينهم وبين عباده الذي أكده عليهم بالمواثيق الثقيلة والإلزامات، فلا يبالون بتلك المواثيق; بل ينقضونها ويتركون أوامره ويرتكبون نواهيه; وينقضون العهود التي بينهم وبين الخلق.
وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وهذا يدخل فيه أشياء كثيرة، فإن الله أمرنا أن نصل ما بيننا وبينه بالإيمان به والقيام بعبوديته، وما بيننا وبين رسوله بالإيمان به ومحبته وتعزيره والقيام بحقوقه، وما بيننا وبين الوالدين والأقارب والأصحاب; وسائر الخلق بالقيام بتلك الحقوق التي أمر الله أن نصلها.
فأما المؤمنون فوصلوا ما أمر الله به أن يوصل من هذه الحقوق، وقاموا بها أتم القيام، وأما الفاسقون، فقطعوها، ونبذوها وراء ظهورهم; معتاضين عنها بالفسق والقطيعة; والعمل بالمعاصي; وهو: الإفساد في الأرض.
ف أُولَئِكَ أي: من هذه صفته هُمُ الْخَاسِرُونَ في الدنيا والآخرة، فحصر الخسارة فيهم; لأن خسرانهم عام في كل أحوالهم; ليس لهم نوع من الربح؛ لأن كل عمل صالح شرطه الإيمان; فمن لا إيمان له لا عمل له; وهذا الخسار هو خسار الكفر، وأما الخسار الذي قد يكون كفرا; وقد يكون معصية; وقد يكون تفريطا في ترك مستحب، المذكور في قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ فهذا عام لكل مخلوق; إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح; والتواصي بالحق; والتواصي بالصبر; وحقيقة فوات الخير; الذي [كان] العبد بصدد تحصيله وهو تحت إمكانه.

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(28)

التفسير المختصر:
إن أمركم - أيها الكفار - لعجب! كيف تكفرون بالله، وأنتم تشاهدون دلائل قدرته في أنفسكم، فقد كنتم عدمًا لا شيء، فأنشأكم وأحياكم، ثم هو يميتكم الموتة الثانية، ثم يحييكم الحياة الثانية، ثم يرجعكم إليه ليحاسبكم على ما قدمتم.
تفسير الجلالين:
«كيف تكفرون» يا أهل مكة «بالله و» قد «كنتم أمواتاً» نطفاً في الأصلاب «فأحياكم» في الأرحام والدنيا بنفخ الروح فيكم، والاستفهام للتعجيب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيْخ «ثم يميتكم» عند انتهاء آجالكم «ثم يحييكم» بالبعث «ثم إليه ترجعون» تردون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم. وقال دليلا على البعث لما أنكروه.
تفسير السعدي:
هذا استفهام بمعنى التعجب والتوبيخ والإنكار، أي: كيف يحصل منكم الكفر بالله; الذي خلقكم من العدم; وأنعم عليكم بأصناف النعم; ثم يميتكم عند استكمال آجالكم; ويجازيكم في القبور; ثم يحييكم بعد البعث والنشور; ثم إليه ترجعون; فيجازيكم الجزاء الأوفى، فإذا كنتم في تصرفه; وتدبيره; وبره; وتحت أوامره الدينية; ومن بعد ذلك تحت دينه الجزائي; أفيليق بكم أن تكفروا به; وهل هذا إلا جهل عظيم وسفه وحماقة ؟ بل الذي يليق بكم أن تؤمنوا به وتتقوه وتشكروه وتخافوا عذابه; وترجوا ثوابه.

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(29)

التفسير المختصر:
والله وحده الذي خلق لكم جميع ما في الأرض من أنهار وأشجار وغير ذلك مما لا يُحْصَى عدده، وأنتم تنتفعون به وتستمتعون بما سخَّره لكم، ثم قصد إلى خلق السماء فخلقهن سبع سماوات مستويات، وهو الذي أحاط علمه بكل شيء.
تفسير الجلالين:
«هو الذي خلق لكم ما في الأرض» أي الأرض وما فيها «جميعاً» لتنتفعوا به وتعتبروا «ثم استوى» بعد خلق الأرض أي قصد «إلى السماء فسواهن» الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجمع الآيلة إليه: أي صيَّرها كما في آية أخرى (فقضاهن) «سبع سماوات وهو بكل شيء عليم» مجملا ومفصلا أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك ابتداءً وهو أعظم منكم قادر على إعادتكم.
تفسير السعدي:
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا أي: خلق لكم, برا بكم ورحمة, جميع ما على الأرض, للانتفاع والاستمتاع والاعتبار.
وفي هذه الآية العظيمة دليل على أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة, لأنها سيقت في معرض الامتنان، يخرج بذلك الخبائث, فإن [تحريمها أيضا] يؤخذ من فحوى الآية, ومعرفة المقصود منها, وأنه خلقها لنفعنا, فما فيه ضرر, فهو خارج من ذلك، ومن تمام نعمته, منعنا من الخبائث, تنزيها لنا.
وقوله: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اسْتَوَى ترد في القرآن على ثلاثة معاني: فتارة لا تعدى بالحرف، فيكون معناها, الكمال والتمام, كما في قوله عن موسى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى وتارة تكون بمعنى " علا " و " ارتفع " وذلك إذا عديت ب " على " كما في قوله تعالى: ثم استوى على العرش لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ وتارة تكون بمعنى " قصد " كما إذا عديت ب " إلى " كما في هذه الآية، أي: لما خلق تعالى الأرض, قصد إلى خلق السماوات فسواهن سبع سماوات فخلقها وأحكمها, وأتقنها, وهو بكل شيء عليم ف يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها و يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ يعلم السر وأخفى.
وكثيرا ما يقرن بين خلقه للخلق وإثبات علمه كما في هذه الآية, وكما في قوله تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ لأن خلقه للمخلوقات, أدل دليل على علمه, وحكمته, وقدرته.

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(30)

التفسير المختصر:
يخبر الله تعالى أنه سبحانه قال للملائكة: إنه سيجعل في الأرض بشرًا يخلُف بعضهم بعضًا، للقيام بعمارتها على طاعة الله، فسأل الملائكةُ ربَّهم - سؤال استرشاد واستفهام - عن الحكمة من جعل بني آدم خلفاء في الأرض، وهم سيفسدون فيها، ويريقون الدماء ظلمًا، قائلين: ونحن أهل طاعتك، نُنَزّهُك حامدين لك، ومعظّمين جلالك وكمالك، لا نفتُرُ عن ذلك، فأجابهم الله عن سؤالهم: إني أعلم ما لا تعلمون من الحِكَمِ الباهرة في خلقهم، والمقاصد العظيمة من استخلافهم.
تفسير الجلالين:
«و» اذكر يا محمد «إذ قال ربُّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة» يخلفني في تنفيذ أحكامي فيها وهو آدم «قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها» بالمعاصي «ويسفك الدماء» يريقها بالقتل كما فعل بنو الجان وكانوا فيها فلما أفسدوا أرسل الله عليهم الملائكة فطردوهم إلى الجزائر والجبال «ونحن نسبِّح» متلبسين «بحمدك» أي نقول سبحان الله وبحمده «ونقِّدس لك» ننزهك عمالا يليق بك فاللام زائدة والجملة حال أي فنحن أحق بالاستخلاف «قال» تعالى «إني أعلم ما لا تعلمون» من المصلحة في استخلاف آدم، وأن ذريته فيهم المطيع والعاصي فيظهر العدل بينهم فقالوا لن يخلق ربنا خلقاً أكرم عليه منا ولا أعلم لسبقنا له ورؤيتنا ما لم يره فخلق الله تعالى آدم من أديم الأرض أي وجهها، بأن قبض منها قبضة من جميع ألوانها وعجنت بالمياه المختلفة وسوَّاهُ ونفخ فيه الروح فصار حيواناً حسَّاساً بعد أن كان جماداً.
تفسير السعدي:
هذا شروع في ذكر فضل آدم عليه السلام أبي البشر أن الله حين أراد خلقه أخبر الملائكة بذلك, وأن الله مستخلفه في الأرض.
فقالت الملائكة عليهم السلام: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا بالمعاصي وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [و]هذا تخصيص بعد تعميم, لبيان [شدة] مفسدة القتل، وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك, فنزهوا الباري عن ذلك, وعظموه, وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله على وجه خال من المفسدة فقالوا: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، وَنُقَدِّسُ لَكَ يحتمل أن معناها: ونقدسك, فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن يكون: ونقدس لك أنفسنا، أي: نطهرها بالأخلاق الجميلة, كمحبة الله وخشيته وتعظيمه, ونطهرها من الأخلاق الرذيلة.
قال الله تعالى للملائكة: إِنِّي أَعْلَمُ من هذا الخليفة مَا لَا تَعْلَمُونَ ؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم, وأنا عالم بالظواهر والسرائر, وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة, أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر فلو لم يكن في ذلك, إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين, والشهداء والصالحين, ولتظهر آياته للخلق, ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة, كالجهاد وغيره, وليظهر ما كمن في غرائز بني آدم من الخير والشر بالامتحان, وليتبين عدوه من وليه, وحزبه من حربه, وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه, واتصف به, فهذه حكم عظيمة, يكفي بعضها في ذلك.

وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(31)

التفسير المختصر:
ولبيان منزلة آدم عليه السلام علَّمه الله تعالى أسماء الأشياء كلها من الحيوان والجماد وغير ذلك؛ ألفاظها ومعانيها، ثم عرض تلك المسمَّيات على الملائكة قائلًا: أخبروني بأسمائها إن كنتم صادقين فيما تقولون: إنكم أكرم من هذا المخلوق وأفضل منه.
تفسير الجلالين:
«وعلَّم آدم الأسماء» أي أسماء المسميات «كلها» بأن ألقى في قلبه علمها «ثم عرضهم» أي المسميات وفيه تغليب العقلاء «على الملائكة فقال» لهم تبكيتاً «أنبئوني» أخبروني «بأسماء هؤلاء» المسميات «إن كنتم صادقين» في أني لا أخلق أعلم منكم أو أنكم أحق بالخلافة، وجواب الشرط دل عليه ما قبله.
تفسير السعدي:
ثم لما كان قول الملائكة عليهم السلام, فيه إشارة إلى فضلهم على الخليفة الذي يجعله الله في الأرض, أراد الله تعالى, أن يبين لهم من فضل آدم, ما يعرفون به فضله, وكمال حكمة الله وعلمه ف عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا أي: أسماء الأشياء, وما هو مسمى بها، فعلمه الاسم والمسمى, أي: الألفاظ والمعاني, حتى المكبر من الأسماء كالقصعة، والمصغر كالقصيعة.
ثُمَّ عَرَضَهُمْ أي: عرض المسميات عَلَى الْمَلَائِكَةِ امتحانا لهم, هل يعرفونها أم لا؟.
فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ في قولكم وظنكم, أنكم أفضل من هذا الخليفة.

قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(32)

التفسير المختصر:
قالوا - مُعْترِفين بنقصهم مُرْجِعين الفضل إلى الله -: نُنَزّهُك ونعظِّمك يا ربَّنا عن الاعتراض عليك في حُكمك وشرعك، فنحن لا نعلم شيئًا إلا ما رزقتنا علمه، إنك أنت العليم الذي لا يخفى عليك شيء، الحكيم الذي تضع الأمور في مواضعها من قدرك وشرعك.
تفسير الجلالين:
«قالوا سبحانك» تنزيهاً لك عن الاعتراض عليك «لا علم لنا إلا ما علمَّتنا» إياه «إنَّك أنت» تأكيد للكاف «العليم الحكيم» الذي لا يخرج شيء عن علمه وحكمته.
تفسير السعدي:
قَالُوا سُبْحَانَكَ أي: ننزهك من الاعتراض منا عليك, ومخالفة أمرك.
لَا عِلْمَ لَنَا بوجه من الوجوه إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إياه, فضلا منك وجودا، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ العليم الذي أحاط علما بكل شيء, فلا يغيب عنه ولا يعزب مثقال ذرة في السماوات والأرض, ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.
الحكيم: من له الحكمة التامة التي لا يخرج عنها مخلوق, ولا يشذ عنها مأمور، فما خلق شيئا إلا لحكمة: ولا أمر بشيء إلا لحكمة، والحكمة: وضع الشيء في موضعه اللائق به، فأقروا, واعترفوا بعلم الله وحكمته, وقصورهم عن معرفة أدنى شيء، واعترافهم بفضل الله عليهم; وتعليمه إياهم ما لا يعلمون.

قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ(33)

التفسير المختصر:
وعندئذ قال الله تعالى لآدم: أخبرهم بأسماء تلك المسمَّيات، فلما أخبرهم كما علَّمه ربه، قال الله للملائكة: ألم أقل لكم: إني أعلم ما خفي في السماوات وفي الأرض، وأعلم ما تُظْهرون من أحوالكم وما تحدِّثُون به أنفسكم.
تفسير الجلالين:
«قال» تعالى «يا آدم أنبئهم» أي الملائكة «بأسمائهم» المسميات فسمى كل شيء باسمه وذكر حكمته التي خلق لها «فلما أنبأهم بأسمائهم قال» تعالى لهم موبخاً «ألم أقل لكم إنَّي أعلم غيب السماوات والأرض» ما غاب فيهما «وأعلم ما تبدون» ما تظهرون من قولكم أتجعل فيها الخ «وما كنتم تكتمون» تسرون من قولكم لن يخلق الله أكرم عليه منا ولا أعلم.
تفسير السعدي:
فحينئذ قال الله: يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ أي: أسماء المسميات التي عرضها الله على الملائكة; فعجزوا عنها، فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ تبين للملائكة فضل آدم عليهم; وحكمة الباري وعلمه في استخلاف هذا الخليفة، قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وهو ما غاب عنا; فلم نشاهده، فإذا كان عالما بالغيب; فالشهادة من باب أولى، وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ أي: تظهرون وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ



jtsdv s,vm hgfrvm (4)





رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010